بعد عامين ونصف من العمل المجتمعي… مشروع الطريق الجبلي بين الرستاق وجبل شمس يقترب من الإنجاز ويختصر المسافة من 300 كم إلى 50 كم
الرستاق – بعد مسيرة شاقة امتدت لأكثر من عامين ونصف، يوشك حلم أهالي ولاية الرستاق والمناطق الجبلية المرتبطة بجبل شمس على التحقق، مع قرب اكتمال مشروع شق وتأهيل الطريق الجبلي الرابط بين قرية يصب بوادي السحتن وحتى بلدتي كرب والمارات بجبل شمس، في مبادرة أهلية نادرة جسدت أسمى صور التكاتف المجتمعي والعمل من أجل المصلحة العامة.

ويُعد هذا المشروع أحد أبرز المبادرات الأهلية على مستوى السلطنة، ليس فقط لطبيعته الإنشائية، بل لما يحمله من طابع سياحي واقتصادي واجتماعي متكامل، إذ يبلغ طوله 10 كيلومترات، ولم يتبق منه سوى 10 أمتار ليكتمل، ويُتوّج حلمًا طال انتظاره لعقود من الزمن.

مشروع وسط التضاريس… وإرادة تتحدى الصخر

واجه المشروع تحديات جسيمة نظرًا لصعوبة التضاريس الجبلية القاسية التي تمر بها مسارات الطريق، حيث استلزم العمل تأجير معدات ثقيلة، وإصلاح آليات، وتغطية أجور العمال، وكل ذلك تم بدعم أهلي خالص دون تمويل مؤسسي يُذكر، سوى دعم لا تتجاوز نسبته 1% من إجمالي تكلفة المشروع.

ورغم هذه الصعوبات، استمر الأهالي، من أبناء المنطقة والقرى المجاورة، في بذل الغالي والنفيس، إيمانًا منهم بأهمية هذا الطريق في تحسين جودة حياتهم وتوفير مسار حيوي يسهل عليهم التنقل، خاصة وأن الطريق الجديد يختصر المسافة بين محافظات جنوب الباطنة والداخلية والظاهرة من أكثر من 300 كيلومتر إلى نحو 50 كيلومترًا فقط.

أبعاد سياحية وتنموية واعدة

من الناحية السياحية، يُتوقع أن ينعكس افتتاح الطريق إيجابًا على جبل شمس، الذي يُعد من أبرز المقاصد السياحية في السلطنة، لما يتمتع به من مناخ معتدل وطبيعة خلابة. وسيُسهل الطريق على الزوار والسياح الوصول إلى الجبل بسهولة وأمان، ويعزز من حركة السياحة الداخلية والخارجية.

أما من الجانب التنموي، فسيتيح الطريق فرصًا للنمو الاقتصادي من خلال ربط القرى الجبلية بأسواق ومراكز خدمات، وتحفيز النقل الزراعي والتجاري، وتطوير الخدمات الأساسية في المناطق النائية، فضلًا عن تخفيف الضغط عن الطرق الأخرى وتسهيل الوصول إلى المؤسسات التعليمية والصحية.

نداء الأهالي… هل تلتفت المؤسسات؟

في ظل هذه الجهود الأهلية الجبارة، لا يزال الأهالي ينتظرون مبادرة من الجهات الحكومية والشركات الخاصة المعنية بالمسؤولية المجتمعية، لدعم هذا المشروع في مراحله الأخيرة، من خلال تمويل ما تبقى من عمليات الردم والتسوية والتأمين والسلامة.

وأكد عدد من أهالي المنطقة أن المشروع يمثّل نموذجًا يحتذى به في العمل الأهلي، لكنه بحاجة إلى التفاتة رسمية تنصف حجم التضحيات، وتحول هذا الإنجاز إلى مشروع استراتيجي وطني متكامل يحظى بالدعم الفني والمالي والإداري المطلوب.

خاتمة

ما يُشارف على الاكتمال اليوم لم يكن مجرد شق طريق وسط الجبال، بل كان شَقًّا في جدار المستحيل، وفتحًا لأبواب الأمل. وها هي الخطوات الأخيرة تُكتب على صخر جبل شمس، لتسطر ملحمة مجتمعية عنوانها: “حين يؤمن الناس بحلمهم، يصبح الواقع أجمل”.

ويبقى الأمل في أن تترجم الجهات المعنية وشركات القطاعين العام والخاص تقديرها لهذه الجهود بدعم ملموس، يليق بما قدمه المواطنون من جهد وعزيمة وإصرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *